تابع الطرائف
صفحة 1 من اصل 1
تابع الطرائف
من شعر مخلد بن بكااار وهو يصف الشمس
مخبأة أمّـا إذا الـلـيل جـنّـهـا فتخفى وأمّا بالنهار فـتـظـهـر
إذا انشقّ عنها ساطع الفجر وانجلى دجا الليل وانجاب الحجاب المستّر
وألبس عرض الأرض لوناً كأنّـه على الأفق الغربيّ ثوبٌ معصفر
تجلّت وفيها حين يبدو شعـاعـهـا ولم يعل للعين البصيرة منـظـر
عليها كردع الزعفـران يشـبّـه شعاعٌ تلالا فهو أبيض أصـفـر
فلمّا علت وابيضّ منها اصفرارها وجالت كما جال المنيح المشهّـر
وجلّلت الآفاق ضوءاً وأسـعـرت بحرٌّ لها منه الضّحى يتـسـعّـر
ترى الظّل يطوى حين تبدو، وتارةً تراه إذا زالت عن الأرض ينشـر
كما بدأت إذ أشرقت في مغيبـهـا تعود كما عاد الكبير المـعـمّـر
وتدنف حتى ما يكاد شعـاعـهـا يبين إذا ولّت لـمـن يتـبـصّـر
وأفنت قروناً وهي في ذاك لم تزل تميت وتحيي كلّ يومٍ وتـنـشـر
ما في هذا المعنى قول رجل من بني الحارث بن كعب يصف الشمس:
وهو القائل:
يطلع النّجم على صـعـدتـه فإذا واجـه بـدراً أفـــلا
معشرٌ إن ظمئت أرماحـهـم أوردوهنّ مجاجات الطّلـى
تحسن الألوان منهم في الوغى حين يستنكر للرّعب الحلـى
سخط عبد اللّه يدني الأجـلا ورضـاه يتـعـدّى الأمـلا
يعشب الصّلد إذا سـالـمـه وإذا حارب روضاً أمـحـلا
حطّ رحلي فـي ذراه جـوده وتمشى في نداه الخـيزلـى
وقال في الرقيق:
أقول لنضوٍ أنفـد الـسـير نـيّهـا فلم يبق منها غير عظمٍ مـجـلّـد
خدي لي ابتلاك اللّه بالشوق والهوى وشاقك تحنان الحمام الـمـغـرّد
فمرت سريعاً خوف دعوة عاشـق تشقّ بها الموماة في كـلّ فـدفـد
فلما ونت باليسير ثنّـيت دعـوتـي فكانت لها سوطاً إلى ضحوة الغـد
ومن الظريف في هذا الباب ما أنشده أبو علي الحاتمي في حكاية اللص:
يعجبنـي أنّـك لا تـربـط مـن خيلٍ ولا تركب إلاّ الـنّـجـبـا
لمّا رأيت الشّقر خـيلاً سـبّـقـاً ملكت منها أشقـراً مـحـنّـبـا
به سماتٌ من قـرونٍ سـلـفـت يعرف من أقربها المـهـلّـبـا
فللـكـلاب حـولـه تـهـاوشٌ لمّا دعاهـم أجـلٌ قـد قـربـا
لا تيأسن ما عشت في تشـييعـه مستعملاً فيه العزا والـعـقـبـا
خلناه تحت الجـلّ إذ جـلّـلـتـه قرون ضأنٍ جعلت ملء العـبـا
في كــل رجـــلٍ ويدٍ زائدةٍ وهو على جردانه قد شـطـبـا
كم مـرّةً رأيتـه فـي جـرمـه فخلته بالحائط منه القـبـقـبـا
تحيّر البـيطـار لـمّـا أن أرى في رأسه مرقّعاً معـتـصـبـا
مقـيّراً مـوصّـلاً كـأنـمــا قد رم منه زورقـاً أو زبـزبـا
فهو لنارٍ شعلةٌ لـو لـصـقـت طاقة كبريت بـه لالـتـهـبـا
كم فيه من فائدةٍ قد صـحّـحـت كتب التباريح لـمـن تـطـيّبـا
قد خلق اللّـه لـنـا مـن بـرّه ومن نبات البحر خلقاً عـجـبـا
يمشي إلى الإسراج مشي القهقرى لكن إلى المعلف ينزو خـبـبـا
من كثرة القردان في صهـوتـه تحسبه مـجـدّراً مـحـصّـبـا
لو أن سلـطـانـاً رأى راكـبـه لم يأل أن عـــذّره وأدّبـــا
أقام طول الصيف في الماء إلـى أن أنبت الماء عليه الطحـلـبـا
ظننته والشمس لم تـبـيضّ مـن شمس الضحى ولم تحلّ الغيهبـا
من بعض أكواخ النواطير سـرى بالريح إذ هبت له ريح الصّـبـا
بالغ فيه الـجـوع حـتـى إنـه إذا رأى القتّ بكى وانـتـحـبـا
وجاذب المقود مـجـهـوداً ومـا كاد له المـقـود أن ينـجـذبـا
حمحم لـلـقـتّ وقـد مـرّ بـه ثم تغـنّـى طـربـاً وأطـربـا
يأيها الباخـل بـالـوصـل أمـا ترحم صبّاً كـلـفـاً مـعـذّبـا
وقال الحمدوني في أضحية أهداها إليه سعيد بن أحمد جوسبنداد:
أسعيد قد أهـديتـنـي أضـحّـيةً مكثت زماناً عندكم ما تـطـعـم
نضواً تغامزت الكلاب بهـا وقـد شدّوا عليها كي تموت فيولـمـوا
فإذا الملاح ضحكوا بها قالت لهـم لا تهزؤوا بي وارحموني ترحموا
مرّت على علفٍ فقامت لـم تـرم عنه وغنّت والمـدامـع سـجّـم
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي متـأخّـرٌ عـنـه ولا مـتـقـدّم
وقال:
أبا سعيدٍ لنا في شاتك الـعـبـر جاءت وليس لها بولٌ ولا بعـر
وكيف تبعر شاةٌ عندكم مكـثـت طعامها الأبيضان الشمس والقمر
لو أنها أبصرت في نومها علفـاً غنّت له ودموع العين تنـحـدر
يا مانعي لذّة الدنيا بما رحـبـت إني ليمتعني من وجهك النّظـر
وقال:
شاة سعيدٍ في أمرها عبـر لما أتتنا قد مسّها الضـرر
وهي تغنّي لسوء حالتـهـا حسبي بما قد لقيت يا عمر
مرّت بقطف خضر ينشّرها قومٌ فظنّت بأنّها خـضـر
فأقبلت نحوها لتأكـلـهـا حتى إذا ما تبيّن الخـبـر
وأبدلتها الظّنون من طمـع يأساً تغنّت والدمع ينحـدر
كانوا بعيداً وكنت آملـهـم حتى إذا ما تقرّبوا هجروا
وقال:
لسـعـيدٍ شـــويهةٌ سلّها الضّرّ والعجف
قد تغنّت وأبـصـرت رجلاً حاملاً عـلـف
بأبي مـن بـكـفّـه برء ما بي من الدّنف
فأتاهـا مـطـمّـعـاً فأتته لـتـعـتـلـف
فتولّـى فـأقـبـلـت تتغنّى مـن الأسـف
ليته لـم يكـن وقـف عذّب القلب وانصرف
ومن جيد شعره قوله:
أمن تجنّي حبيبٍ بات غضـبـانـا أصبحت من سكرات الموت نشوانا
يا قوم أُذني لبعض الحيّ عـاشـقةٌ والأذن تعشق قبل العين أحـيانـا
قالوا بمن لا ترى تهوى فقلت لهـم الأذن كالعين توفي القلب ما كانـا
يا ليتني كنت تفّاحاً بـراحـتـهـا أو كنت من قضب الريحان ريحانا
حتى إذا استنشقت ريحي وأعجبهـا ونحن في خلوةٍ حوّلت إنـسـانـا
لا تعذلوني فإنّي من تـذكّـرهـا نشوان هل يعذل الصاحون سكرانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت وقد لهوت بها في النّوم أزمـانـا
باتت تناولني فاهـا فـألـثـمـه جنّيّة زوّجت في النّوم إنـسـانـا
وقال:
يا قرّة العين إنـي لا أُسّـمـيك أكني بأُخرى أُسمّيها وأعـنـيك
أخشى عليك من الجيران واحـدةً أو سهم غيران يرميني ويرميك
يا أطيب النّاس ريقاً غير مختبـرٍ إلاّ شهادة أطراف المـسـاويك
قد زرتنا مرّةً في الدهر واحـدةً عودي ولا تجعليها بيضة الـديك
يا رحمة اللّه حلّي في منازلـنـا حسبي برائحة الفردوس من فيك
إنّ الذي بات مغبوطاً بنعمـتـه كفّ تمسّك أو كفّ تعـاطـيك
يسرني وجهك المعشوق مقبـلةً وإن توليت راعتنـي تـوالـيك
كأنّ مسكاً وريحـانـاً وغـالـيةً ما بين حجلك أو أعلى ذفـاريك
وقال:
لم يطل ليلي ولكن لـم أنـم ونفى عني الكرى طيفٌ ألم
رفّهي يا عبد عني واعلمـي أنّني يا عبد من لـحـمٍ ودم
إنّ لي جسماً ضعيفاً نـاحـلاً لو توكّأت علـيه لانـهـدم
ختم الحبّ لها في عـنـقـي موضع الخاتم من أهل الذمم
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصّمت من لا ونعم
قال مروان بن أبي حفصة: أنشدني بشار هذه القصيدة فلما بلغ هذا البيت قلت له: جعلني الله فداك أبا معاذ ! هلا قلت: خرست، قال لي: فض الله فاك؛ إني إذاً لفي عقلك ! أتطنز علي من أن أجيب بالخرس !
نسب بشار
وبشار مولى لعقيل بن كعب، وهو يفتخر في شعره بالمضرية.
ولما دخل على المهدي في أول دخلاته قال: فيمن تعتد ? قال: أما اللسان فعربي، وأما الأصل فكما قلت:
ونبّئت قـومـاً لـهـم إحـنةٌ يقولون ماذا وأنت الـعـلـم
ألا أيّها السـائلـي جـاهـلاً ليعرفني أنا أنـف الـكـرم
نمت في الكرام بني عـامـر فروعي وأصلي قريش العجم
وإني لأُغني مقام الـفـتـى وأُصبي الفتاة ولا تعتـصـم
البيت الأول يشبه قول جميل:
فليت رجالاً فيك قد نذروا دمـي وهمّوا بقتلي يا بثين لـقـونـي
يقولون لي أهلاً وسهلاً ومرحبـاً ولو ظفروا بي ساعةً قتلـونـي
إذا ما رأوني مقبلاً مـن ثـنـيّةٍ يقولون: من هذا ? وقد عرفوني
وفي هذه القصيدة يقول بشار
أصفراء ليس الفتى صخرة ولكنّه نصب هـمٍّ وغـم
صببت هواك على قلـبـه فباح وأعلن ما قد كـتـم
وبيضاء يضحك ماء الشبـا ب في وجهها لك إذ تبتسم
دوار العذارى إذا زرنهـا أطفن بحوراء مثل الصّنم
وفيها يقول يمدح عمر بن العلاء:
إذا أيقظتك حروب العـدى فنبّه لها عمـراً ثـم نـم
فتىً لا ينام عـلـى دمـنةٍ ولا يشرب الماء إلاّ بسـم
دعاني إلى عمـرٍ جـوده وقول العشيرة بحرٌ خضم
ولولا الذي ذكروا لمن أكن لمدح ريحانةً قـبـل شـم
يلذّ العطاء وسفك الـدمـاء ويغدو على نقمٍ أو نـعـم
تطوف العفاة بـأبـوابـه طواف الحجيج ببيت الحرم
إذا عرض اللهو في صدره بدا بالعطايا وضرب البهم
وجال اللّواء علـى رأسـه يدوّم كالمضرحيّ القـرم
وقال بشار:
حيّيا صاحـبـيّ أمّ الـعـلاء واحذرا طرف عينها الحوراء
عذّبتني بالحبّ عذّبـهـا الـلّ ه لما تشتهي مـن الأهـواء
إنّ في عـينـهـا دواءً وداءً لمحبّ، والداء قبـل الـدواء
يقول فيها يمدح عقبة بن سلم الهنائي:
مالكيٌّ ينشقّ عن كفّه الجـو د كما انشقّت الدّجا عن ضياء
إنما لذّة الجواد ابـن سـلـمٍ في عطاءٍ لراغبٍ أو لقـاء
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ف ولكن يلذّ طعم العطـاء
يسقط الطير حيث يلتقط الح بّ وتغشى منازل الكرماء
وكان بشار سجاعاً خطيباً صاحب منثور ومزدوج ورجز ورسائل مختارة على كثير من الكلام.
ودخل على عقبة بن سلم وعنده عقبة بن رؤبة بن العجاج فأنشده أرجوزة، ثم أقبل على بشار، فقال: هذا طراز لا تحسنه يا أبا معاذ. فقال: والله لأنا أرجز منك ومن أبيك ومن جدك. ثم غدا على عقبة من الغد فأنشده أرجوزة أولها:
يا طلل الحيّ بذات الصّمـد باللّه خبّر كيف كنت بعـدي
بدت بخدٍّ وجلـت عـن خـدّ ثم انثنت كالنّفس المـرتـدّ
وصاحب كالدمّل الـمـمـدّ حملته في رقعةٍ من جلـدي
حتى اغتدى غير فقيد الفقـد وما درى ما رغبتي وزهدي
الحرّ يلحى والعصا للعـبـد وليس للملحف مثـل الـردّ
يقول فيها:
اسلم وحيّيت أبا الـمـلـدّ والبس طرازاً غير مستردّ
للّه أيامك فـي مـعـدّ
مخبأة أمّـا إذا الـلـيل جـنّـهـا فتخفى وأمّا بالنهار فـتـظـهـر
إذا انشقّ عنها ساطع الفجر وانجلى دجا الليل وانجاب الحجاب المستّر
وألبس عرض الأرض لوناً كأنّـه على الأفق الغربيّ ثوبٌ معصفر
تجلّت وفيها حين يبدو شعـاعـهـا ولم يعل للعين البصيرة منـظـر
عليها كردع الزعفـران يشـبّـه شعاعٌ تلالا فهو أبيض أصـفـر
فلمّا علت وابيضّ منها اصفرارها وجالت كما جال المنيح المشهّـر
وجلّلت الآفاق ضوءاً وأسـعـرت بحرٌّ لها منه الضّحى يتـسـعّـر
ترى الظّل يطوى حين تبدو، وتارةً تراه إذا زالت عن الأرض ينشـر
كما بدأت إذ أشرقت في مغيبـهـا تعود كما عاد الكبير المـعـمّـر
وتدنف حتى ما يكاد شعـاعـهـا يبين إذا ولّت لـمـن يتـبـصّـر
وأفنت قروناً وهي في ذاك لم تزل تميت وتحيي كلّ يومٍ وتـنـشـر
ما في هذا المعنى قول رجل من بني الحارث بن كعب يصف الشمس:
وهو القائل:
يطلع النّجم على صـعـدتـه فإذا واجـه بـدراً أفـــلا
معشرٌ إن ظمئت أرماحـهـم أوردوهنّ مجاجات الطّلـى
تحسن الألوان منهم في الوغى حين يستنكر للرّعب الحلـى
سخط عبد اللّه يدني الأجـلا ورضـاه يتـعـدّى الأمـلا
يعشب الصّلد إذا سـالـمـه وإذا حارب روضاً أمـحـلا
حطّ رحلي فـي ذراه جـوده وتمشى في نداه الخـيزلـى
وقال في الرقيق:
أقول لنضوٍ أنفـد الـسـير نـيّهـا فلم يبق منها غير عظمٍ مـجـلّـد
خدي لي ابتلاك اللّه بالشوق والهوى وشاقك تحنان الحمام الـمـغـرّد
فمرت سريعاً خوف دعوة عاشـق تشقّ بها الموماة في كـلّ فـدفـد
فلما ونت باليسير ثنّـيت دعـوتـي فكانت لها سوطاً إلى ضحوة الغـد
ومن الظريف في هذا الباب ما أنشده أبو علي الحاتمي في حكاية اللص:
يعجبنـي أنّـك لا تـربـط مـن خيلٍ ولا تركب إلاّ الـنّـجـبـا
لمّا رأيت الشّقر خـيلاً سـبّـقـاً ملكت منها أشقـراً مـحـنّـبـا
به سماتٌ من قـرونٍ سـلـفـت يعرف من أقربها المـهـلّـبـا
فللـكـلاب حـولـه تـهـاوشٌ لمّا دعاهـم أجـلٌ قـد قـربـا
لا تيأسن ما عشت في تشـييعـه مستعملاً فيه العزا والـعـقـبـا
خلناه تحت الجـلّ إذ جـلّـلـتـه قرون ضأنٍ جعلت ملء العـبـا
في كــل رجـــلٍ ويدٍ زائدةٍ وهو على جردانه قد شـطـبـا
كم مـرّةً رأيتـه فـي جـرمـه فخلته بالحائط منه القـبـقـبـا
تحيّر البـيطـار لـمّـا أن أرى في رأسه مرقّعاً معـتـصـبـا
مقـيّراً مـوصّـلاً كـأنـمــا قد رم منه زورقـاً أو زبـزبـا
فهو لنارٍ شعلةٌ لـو لـصـقـت طاقة كبريت بـه لالـتـهـبـا
كم فيه من فائدةٍ قد صـحّـحـت كتب التباريح لـمـن تـطـيّبـا
قد خلق اللّـه لـنـا مـن بـرّه ومن نبات البحر خلقاً عـجـبـا
يمشي إلى الإسراج مشي القهقرى لكن إلى المعلف ينزو خـبـبـا
من كثرة القردان في صهـوتـه تحسبه مـجـدّراً مـحـصّـبـا
لو أن سلـطـانـاً رأى راكـبـه لم يأل أن عـــذّره وأدّبـــا
أقام طول الصيف في الماء إلـى أن أنبت الماء عليه الطحـلـبـا
ظننته والشمس لم تـبـيضّ مـن شمس الضحى ولم تحلّ الغيهبـا
من بعض أكواخ النواطير سـرى بالريح إذ هبت له ريح الصّـبـا
بالغ فيه الـجـوع حـتـى إنـه إذا رأى القتّ بكى وانـتـحـبـا
وجاذب المقود مـجـهـوداً ومـا كاد له المـقـود أن ينـجـذبـا
حمحم لـلـقـتّ وقـد مـرّ بـه ثم تغـنّـى طـربـاً وأطـربـا
يأيها الباخـل بـالـوصـل أمـا ترحم صبّاً كـلـفـاً مـعـذّبـا
وقال الحمدوني في أضحية أهداها إليه سعيد بن أحمد جوسبنداد:
أسعيد قد أهـديتـنـي أضـحّـيةً مكثت زماناً عندكم ما تـطـعـم
نضواً تغامزت الكلاب بهـا وقـد شدّوا عليها كي تموت فيولـمـوا
فإذا الملاح ضحكوا بها قالت لهـم لا تهزؤوا بي وارحموني ترحموا
مرّت على علفٍ فقامت لـم تـرم عنه وغنّت والمـدامـع سـجّـم
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي متـأخّـرٌ عـنـه ولا مـتـقـدّم
وقال:
أبا سعيدٍ لنا في شاتك الـعـبـر جاءت وليس لها بولٌ ولا بعـر
وكيف تبعر شاةٌ عندكم مكـثـت طعامها الأبيضان الشمس والقمر
لو أنها أبصرت في نومها علفـاً غنّت له ودموع العين تنـحـدر
يا مانعي لذّة الدنيا بما رحـبـت إني ليمتعني من وجهك النّظـر
وقال:
شاة سعيدٍ في أمرها عبـر لما أتتنا قد مسّها الضـرر
وهي تغنّي لسوء حالتـهـا حسبي بما قد لقيت يا عمر
مرّت بقطف خضر ينشّرها قومٌ فظنّت بأنّها خـضـر
فأقبلت نحوها لتأكـلـهـا حتى إذا ما تبيّن الخـبـر
وأبدلتها الظّنون من طمـع يأساً تغنّت والدمع ينحـدر
كانوا بعيداً وكنت آملـهـم حتى إذا ما تقرّبوا هجروا
وقال:
لسـعـيدٍ شـــويهةٌ سلّها الضّرّ والعجف
قد تغنّت وأبـصـرت رجلاً حاملاً عـلـف
بأبي مـن بـكـفّـه برء ما بي من الدّنف
فأتاهـا مـطـمّـعـاً فأتته لـتـعـتـلـف
فتولّـى فـأقـبـلـت تتغنّى مـن الأسـف
ليته لـم يكـن وقـف عذّب القلب وانصرف
ومن جيد شعره قوله:
أمن تجنّي حبيبٍ بات غضـبـانـا أصبحت من سكرات الموت نشوانا
يا قوم أُذني لبعض الحيّ عـاشـقةٌ والأذن تعشق قبل العين أحـيانـا
قالوا بمن لا ترى تهوى فقلت لهـم الأذن كالعين توفي القلب ما كانـا
يا ليتني كنت تفّاحاً بـراحـتـهـا أو كنت من قضب الريحان ريحانا
حتى إذا استنشقت ريحي وأعجبهـا ونحن في خلوةٍ حوّلت إنـسـانـا
لا تعذلوني فإنّي من تـذكّـرهـا نشوان هل يعذل الصاحون سكرانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت وقد لهوت بها في النّوم أزمـانـا
باتت تناولني فاهـا فـألـثـمـه جنّيّة زوّجت في النّوم إنـسـانـا
وقال:
يا قرّة العين إنـي لا أُسّـمـيك أكني بأُخرى أُسمّيها وأعـنـيك
أخشى عليك من الجيران واحـدةً أو سهم غيران يرميني ويرميك
يا أطيب النّاس ريقاً غير مختبـرٍ إلاّ شهادة أطراف المـسـاويك
قد زرتنا مرّةً في الدهر واحـدةً عودي ولا تجعليها بيضة الـديك
يا رحمة اللّه حلّي في منازلـنـا حسبي برائحة الفردوس من فيك
إنّ الذي بات مغبوطاً بنعمـتـه كفّ تمسّك أو كفّ تعـاطـيك
يسرني وجهك المعشوق مقبـلةً وإن توليت راعتنـي تـوالـيك
كأنّ مسكاً وريحـانـاً وغـالـيةً ما بين حجلك أو أعلى ذفـاريك
وقال:
لم يطل ليلي ولكن لـم أنـم ونفى عني الكرى طيفٌ ألم
رفّهي يا عبد عني واعلمـي أنّني يا عبد من لـحـمٍ ودم
إنّ لي جسماً ضعيفاً نـاحـلاً لو توكّأت علـيه لانـهـدم
ختم الحبّ لها في عـنـقـي موضع الخاتم من أهل الذمم
وإذا قلت لها جـودي لـنـا خرجت بالصّمت من لا ونعم
قال مروان بن أبي حفصة: أنشدني بشار هذه القصيدة فلما بلغ هذا البيت قلت له: جعلني الله فداك أبا معاذ ! هلا قلت: خرست، قال لي: فض الله فاك؛ إني إذاً لفي عقلك ! أتطنز علي من أن أجيب بالخرس !
نسب بشار
وبشار مولى لعقيل بن كعب، وهو يفتخر في شعره بالمضرية.
ولما دخل على المهدي في أول دخلاته قال: فيمن تعتد ? قال: أما اللسان فعربي، وأما الأصل فكما قلت:
ونبّئت قـومـاً لـهـم إحـنةٌ يقولون ماذا وأنت الـعـلـم
ألا أيّها السـائلـي جـاهـلاً ليعرفني أنا أنـف الـكـرم
نمت في الكرام بني عـامـر فروعي وأصلي قريش العجم
وإني لأُغني مقام الـفـتـى وأُصبي الفتاة ولا تعتـصـم
البيت الأول يشبه قول جميل:
فليت رجالاً فيك قد نذروا دمـي وهمّوا بقتلي يا بثين لـقـونـي
يقولون لي أهلاً وسهلاً ومرحبـاً ولو ظفروا بي ساعةً قتلـونـي
إذا ما رأوني مقبلاً مـن ثـنـيّةٍ يقولون: من هذا ? وقد عرفوني
وفي هذه القصيدة يقول بشار
أصفراء ليس الفتى صخرة ولكنّه نصب هـمٍّ وغـم
صببت هواك على قلـبـه فباح وأعلن ما قد كـتـم
وبيضاء يضحك ماء الشبـا ب في وجهها لك إذ تبتسم
دوار العذارى إذا زرنهـا أطفن بحوراء مثل الصّنم
وفيها يقول يمدح عمر بن العلاء:
إذا أيقظتك حروب العـدى فنبّه لها عمـراً ثـم نـم
فتىً لا ينام عـلـى دمـنةٍ ولا يشرب الماء إلاّ بسـم
دعاني إلى عمـرٍ جـوده وقول العشيرة بحرٌ خضم
ولولا الذي ذكروا لمن أكن لمدح ريحانةً قـبـل شـم
يلذّ العطاء وسفك الـدمـاء ويغدو على نقمٍ أو نـعـم
تطوف العفاة بـأبـوابـه طواف الحجيج ببيت الحرم
إذا عرض اللهو في صدره بدا بالعطايا وضرب البهم
وجال اللّواء علـى رأسـه يدوّم كالمضرحيّ القـرم
وقال بشار:
حيّيا صاحـبـيّ أمّ الـعـلاء واحذرا طرف عينها الحوراء
عذّبتني بالحبّ عذّبـهـا الـلّ ه لما تشتهي مـن الأهـواء
إنّ في عـينـهـا دواءً وداءً لمحبّ، والداء قبـل الـدواء
يقول فيها يمدح عقبة بن سلم الهنائي:
مالكيٌّ ينشقّ عن كفّه الجـو د كما انشقّت الدّجا عن ضياء
إنما لذّة الجواد ابـن سـلـمٍ في عطاءٍ لراغبٍ أو لقـاء
ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ف ولكن يلذّ طعم العطـاء
يسقط الطير حيث يلتقط الح بّ وتغشى منازل الكرماء
وكان بشار سجاعاً خطيباً صاحب منثور ومزدوج ورجز ورسائل مختارة على كثير من الكلام.
ودخل على عقبة بن سلم وعنده عقبة بن رؤبة بن العجاج فأنشده أرجوزة، ثم أقبل على بشار، فقال: هذا طراز لا تحسنه يا أبا معاذ. فقال: والله لأنا أرجز منك ومن أبيك ومن جدك. ثم غدا على عقبة من الغد فأنشده أرجوزة أولها:
يا طلل الحيّ بذات الصّمـد باللّه خبّر كيف كنت بعـدي
بدت بخدٍّ وجلـت عـن خـدّ ثم انثنت كالنّفس المـرتـدّ
وصاحب كالدمّل الـمـمـدّ حملته في رقعةٍ من جلـدي
حتى اغتدى غير فقيد الفقـد وما درى ما رغبتي وزهدي
الحرّ يلحى والعصا للعـبـد وليس للملحف مثـل الـردّ
يقول فيها:
اسلم وحيّيت أبا الـمـلـدّ والبس طرازاً غير مستردّ
للّه أيامك فـي مـعـدّ
مواضيع مماثلة
» تابع المعلوماااااااات العامة
» تابع الأسئلة العااااااااامة
» تابع السؤال والجواب( عاااااا مة )
» تابع موضوع اضحك قبل الضحك ما يغلى
» تابع الأسئلة العااااااااامة
» تابع السؤال والجواب( عاااااا مة )
» تابع موضوع اضحك قبل الضحك ما يغلى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى